اشحن قلبك ,, " لايكن صيآمك أجوف بلا روح .. "
--------------------------------------------------------------------------------
اِشْحَنْ قَلْبَكْ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
{إذا تَمّ الشّحْنُ بالطريقة الصحيحة لِمُدّة ثلاثين يوما ،
تكون صلاحية القلب 11 شهراً}
الحمد لله ، الحمد لله حمداً كثيرا طيبا مباركا فيه ،
حمدا وشكرا بِهِ نتملقه ونطمع في رضاه
وصلوات تترى على المبعوث بالهدى
وسلام عليه وشوقا إليه ، ونرجو عند الحوض لقاه .
وبعـد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ربّي " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ
عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " سورة البقـرة 183 .
فكم مِنْ رمضان صُمّناه ولا تقوى ؟!
لماذا نعود بعد رمضان كما كُنّا ،
بل لِمَ نَفْتُرُ في بعض أيام الشهـر (القليلة المباركة) ؟
ما الذي يجعـل صيامنا (أجوف) بلا روح !
من دمعت عيناه خشوعا لصيامه (لا لصلاته) ، وفاضت لحظة إفطار ؟!
فالصوم تقوى ، والتقوى زاد .. فـأين نحن من ذاك ؟!
ومن الذي حقًا يَشْحِنَ قَلْبَهُ بِزادِ عامِه في رمضان ؟
ألم يقل ربنا جل وعلا " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى " سورة البقرة 197 .
إنه مرض العادة وتحول (عباداتنا) إلى (عادات وممارسات خواء)
لا معنى لها في حياتنا !
فرمضان يعني الحرمان ،
ولمن وعى هو ارتقاء وسمـو ..من أين أتى الخلل :
إسلام الوراثـة (التقليد) ، فالذي يصوم لأنه نشأ وكل من حوله يصومون
صام مثلهم فصومه نتج أنه وجد في بيئة (مُسْلِمَةٍ وبالتالي تصوم) فصنع مثلهم
(السلوك) . فصار صومه عادة لا روح فيها .
العلاج :
أن تصل إلى (القدرة) ليس من خلال (البيئة والسلوك)
بل من طريق (الهوية والقيم) وهي علاقة متبادلة فانطلق
من هويتك نحو البيئة لا العكس .
* رمضان هويَّـةً :
الرسالة : رمضان ،
المُرْسِل : الله جلّ وعلا ،
المرسل إليه : الإنسان .
و (جلال الرسالة من جلال المُرْسِل)
أتدريّ من الله !
" ما السموات عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل
العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة "
وَمَنِ الإنسان ؟!
قبضة ونفخة ، جسد وروح ..
ورسالة الصيام جوهرها ارتقاء بالجانبين ..
كم من أُمَمٍّ اجتهدت للرقي بالجسد ..
فسَعَتْ وشَقَتْ ، وأخرى تفننت للرقي بالروح .. فسَعَتْ وشَقَتْ !
ولا أعلم بالمخلوق مِنَ خالقِهِ .. من اتبع نهجه ، سعى وسَعِدْ .
لن تستطيع أن ترقى بشيء لم تسيطر عليه وتمسك بزمامه ،
ومن هنا يتضح معنى صائم الحرمان وصائم التُقى .
الصوم لغة : الإمساك و الحبس ،
فالصوم صبر والصبر حبس ،
هو صبر على الطاعة بمجاهدة النفس وإلزامها التعبد وصبرٌ عن
المعاصي بمنعها من شهواتها وحاجاتها .
فإن صُمْتَ بهذا المعنى والإحساس أنّك تحبس نفسك تمنعها تحجبها
عن غضب الله (وهذه التقوى)
استطعت الرقي بها في رمضان وبعده فقد أحكمت الزمام عليها .
إذاً : لنغير منظورنا لرمضان (هويّة رمضان)
فهو ليس حرمان وصنوف طعام وتقليد ،
بل حبس نفس وصبر وتدريب .. و تَقوى .
*
رمضان قيم :
على قدر (قيمته) في نفسك ستكون
(قدرتك) على تحقيق (هويّته)
هنا حيث يفيض الخطباء والكتّاب في سرد فضائل الشهر
وعِظَمِه ، فبعد أن تصحح منظورك الشخصي لرمضان ..
تزود بالعلم ، العلم بفضائله وفرائضه ونوافله وآدابـه .
بعد أن أصلحت المنطلق (الهوية) وتزودت ب الدوافع ( القيم ) صُمّ
(القدرة) متقيدا بجوهر الصيام وآدابـه (السلوك) واجتهد لتكون في (البيئة)
المناسبة مع صحبة تعينك ترقى بها .. وترقى بِكْ "لعلكم تتقون" .
أما إذا اكتفيت بالسلوك الموروث عن البيئة .. لم ينتج الصيام الحقّ
" رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر "
فاللهم بلغنا رمضان وسلمنا له وسلمه لنا واجعلنا فيه
من المقبولين المتقين ، هذا وما كان من صواب فمن الله
وحده ذو الفضل والمِنّة ، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان
والله ورسوله مِنْهُ براء .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ،
والحمد لله رب العالمين .
.
لا حقوق محفوظة .. ونسعد بنشره بأي كيفيّة
الحمد لله
{صُمْ صَومَ الفَطِنْ ، الذي صَوَّمَ باطِنَهُ عن الخواطر الدُنيَويّة واللِسان عن اللغو والثرثرة}