كُنّا نُداعبُ حبرنا و نشاكسُ
و نُلطّخُ الأبوابَ و هْيَ نــــــــواعسُ
و نبوسُ أشجار الطريقِ بأعيُنٍ
و نصافحُ الـجدران حـــــينَ نُلامسُ
و نسيلُ منْ كفِّ الصباحِ تدفّقاً
لتضُمّنا كالأمّهاتِ مـــــــــدارسُ
و السّاح نـملؤها بألـحانِ الصِّبا
و نرى الضياءَ إذا تبسّـمَ عابـــــسُ
نصطفُّ للعلمِ الشهيِّ شموخُهُ
و بعُمقنا بردُ الـمـلاحمِ قــــــارسُ
و الأرضُ دافئةُ الأماني و الرؤى
فينا يُعطّرُها الـحـماسُ الـمــائسُ
بنشيدنا نغزو السكوتَ و نلتقي
شُهُباً يُلملمُها اشتياقٌ دامـــــسُ
نغماتهُ الـحـمراءُ تسكبُ عمرنا
حتى تفوحَ من القلوبِ نـــــراجسُ
فإذا دعتنا حُجرةٌ و أريـجُـها
جئنا نُسابقُ همسها و نُنـــــافسُ
ترتاحُ في الأدراجِ كلّ حقيبةٍ
و تُطِلُّ من شفةِ الكتابِ نفـــائسُ
فمُعلّمٌ بالـحـرفِ يزرعُ علْمَهُ
لتطيبَ في خصبِ العُقولِ مغارسُ
و نراودُ الأقلامَ عنْ كلماتِها
و نُذيقُها أفكارنا و نُـــــــجــالسُ
فأخٌ يظنُّ الراء مِنجل حكمةٍ
يهوي به شغَفاً لِيُحــصدَ مــارسُ
و أخٌ يُطلِّقُ باءَهُ منْ نُقطةٍ
و حروفُهُ دون النقاطِ عــــــوانـسُ
و أخٌ يُضيعُ الثاء بين نقاطها
تاءً تُغافلُ سطرها و تُــــــدالِـسُ
الطاولاتُ لها روائحُ غابةٍ
و بِها الـمـعارفُ كلّهنّ فـــرائـسُ
لنْ تهدمَ الظلُماتُ فضلاً شامخاً
من حولهِ بِيضُ النفــوسِ فــوارسُ
إنّا أبابيل الطفولةِ نرتـمي
حجراً و أبرهةُ الـجـهـــالــةِ يائسُ
و مآذنُ الأشواقِ توقظُ حُلمنا
و تدقُّ أجراسَ الوفاءِ كنــــــائــسُ
العِلْمُ ينسُجُ ثوبَ أخلاقٍ كما
نُسِجتْ بـخيطِ الأمنياتِ ملابــسُ
قولي جزائرُ ما تـقـــولُ لــنـا الـــــوُرودْ
قولي الـمحبّة سوفَ يسمعُـكِ الوُجـودْ
لكِ حُبّنا و الـمجدُ كلّهُ و الـخُلـــــــودْ