السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك من يعيش على نقطة قوته , وهناك من يعيش على نقطة ضعفه , وهناك من لا يكتفي
" بنقطة" ليعيش عليها..
_ تباً .. ما الذي حدث ؟!
أنهى بندر جملته المتذمرة وضرب مقود السيارة بغضب, صديقي "بندر" شاب صافح الثلاثين قبل عام , إلا أن عقله تجاوز بمهارة معضلة الزمن.. يقول لي دائماً بأن مشكلتنا تنحصر في رؤوسنا , أي أننا لا "نفكـّر".. وحتى أن البعض أتخذ رأسه شماعة ليعلق عليها شماغه أو طربوشه أو عمامته فقط ..!!
أخي تقول لي دائماً ( الفاضي يعمل قاضي) أي أن الشخص "السكيع" مثلي هو من يحاكم الأشياء.. رغم كمية الوقاحة التي ترن في أذني من هذه العبارة إلا أنها أصدق عبارة قيلت لي.. دائماً ما نتعلم من الأشياء التي نكرهها أكثر من تلك الأشياء التي نحبها.. لا تكن طيباً أو شيئاً من هذا القبيل ولكن أبحث عن الحقيقة فيك..
كل هذا العصف الفكري لم يمنع السيارة من إصدار الأصوات الغريبة ومن ثم الارتعاش فالتوقف الصريح والوقح أمام أشارة المرور الخضراء.. من بالخلف لا "يفكرون" بأسباب وقوفنا الأبله في مقلة الإشارة الخضراء لذا يكبسون على أبواق سياراتهم بغضب وتوتر وعصبيه.. لا أدري لعلهم " يفكرون " ولكن بأشياء أخرى لا تبالي بنا ولا باللون الأخضر.. حتى في أشد الأمور قسوة وضيقاً لا أستطيع لوم إي إنسان فالحياة فعلاً قاسية على الجميع لذا أكتفي بإغراقهم باللعنات والشتائم الخالية من الضغينة, خاصة الآن وأنا أدفع سيارة صديقي بندر بخجل ليس له أي مبرر..
أخيراً رق قلب المحرك أو قسا أكثر.. المهم أن دقاته عادت مبشرة الطريق بدوران العجلات.. نظر لي صديقي بندر وقال بعد أن رسم ابتسامة ساخرة
_ في المرة القادمة أنا من سيدفع السيارة..
كنت أتمنى إلا تكون هناك " مرة ثانية ".. لقد مللت من " المرة الثانية "..
فجأة قفزت من صمتي وقلت بسعادة
_ هل تعلم يا بندر .. لن تكون هناك " مرة ثانية "..
مسح شفتيه وقال متصنعاً الاهتمام
_ كيف ..؟
_ ستتوقف السيارة بمكان آخر على الأقل..
ضحك ثم قال
_ حسناً أنا من سيدفع في "المرة الأخرى "
كنت أضحك بفرحة وأنا أعلم بأني مجرد صعلوك قرر أن يفكر .. أما صديقي بندر فهو يفكر لأنه يبالي فعلاً.. إن الحقيقة تكون جميلة جداً حين لا ننظر لها بشكل شخصي .. لذا أحب العبارات الصريحة التي تقولها لي أخي حين يسمعني أحاكم الحياة بعقلي الصغير
سلام
ملطوش بالتصرف